التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أهداف الدرس
1- تعريف اللسانيّات: موضوعها أهمّ مفاهيمها.
2- التعرّف على أهمّ أطوار اللسانيّات ومناهجها ومدارسها وأعلامها.
3- التمييز بين أهمّ فروع اللسانيّات: * اللسانيات العامّة /علم الأصوات/ علم الدلالة/ التداوليّة.
4- التعرّف على علاقة التأثّر والتاثير بين اللسانيّات ومختلف العلوم المجاورة.                                

كلّ علم يمكن تعريفه من خلال موضوع دراسته ومنهجه ونظريّاته وأطواره وفروعه وأعلامه. واللسانيّات علم موضوعه اللغة ومناهجه ونظريّاته وأطواره متغيّرة من التاريخيّة إلى البنيويّة إلى التوليديّة إلى العرفانيّة وفروعه كثيرة منها الصوتميّة والدلالة والتداوليّة وأعلامه يتفاوتون في التأثير والأهميّة.
1- تعريف اللسانيّات: الموضوع المفاهيم المنهج الأعلام
أ- موضوع اللسانيّات: 
تعرّف اللسانيّات linguistique/ linguistics بأنّها الدراسة العلميّة لسائر اللّغات الطبيعيّة. وهي علم من العلوم الإنسانيّة بما أنّ اللغة خاصّية بشريّة. وقد ظهر هذا المصطلح (linguistique) لأوّل مرّة في الدراسات الأروبيّة سنة 1800 في معجم بواست (dictionnaire de Boiste). وينبغي أن نميّز   بين أمرين: يتعلّق الأمر الأوّل بحداثة هذا العلم الذي ظهر في القرن التاسع عشر  وافتتحه بوب Bopp من خلال الدراسة العلميّة للغات وفق منهج تاريخي مقارن (1816-1870). ويتعلّق الأمر الثاني بقدم الاهتمام بالدراسات اللغويّة الذي يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد. فالاهتمام باللغة ودراستها قديم وعلم اللسانيّات علم حديث. وقد استفاد هذا العلم من هذا الإرث اللغويّ في مختلف النظريّات اللسانيّة الحديثة.
السبب الذي يدفع إلى اعتبار اللسانيّات علما حديثا هو كونها علما يتناول سائر اللغات ولا يقتصر على لسان دون سواه، وكذلك تحقيقها لشروط الصرامة العلميّة في دراسة الظاهرة اللغويّة. وقد اتّخذت اللسانيّات صبغتها العلميّة الحديثة انطلاقا من أعمال بوب أوّل القرن التاسع عشر لكنّ بداياتها الحديثة كانت في أوّل القرن العشرين من خلال نشر دروس دي سوسير ، فلئن كانت اللسانيات مع بوب بحث عن الأصل الأوّل والمقارنة بين الألسنة في مستوى الأصوات بطريقة علميّة فإنّها مع دي سوسير صارت لأوّل مرةّ علما يتناول نظام اللغة في حدّ ذاته بصرف النظر عن التطور التاريخي والمقارنة بين الألسن. ويظهر ذلك من خلال القول الذي ختم به كتابه: "الموضوع الوحيد للسانيات هو اللغة في ذاتها ولذاتها".
 وينبغي أن نميّز هنا بين اللسانيّات التي تهتمّ بالظاهرة اللغويّة بصرف النظر عن خصوصيّة كلّ لسان (عربي، فرنسي، انجليزيّ...) والنحو بما هو  معرفة بقواعد لغة محدّدة (نحو الفرنسيّة مثلا). وقد مرّت اللسانيّات الحديثة بأطوار متعدّدة وجرّبت مناهج مختلفة وطرحت قضايا مختلفة. 
ب- مفاهيم أساسيّة في الدراسة اللسانيّة:
لكي نفهم  النظريّات التي ظهرت في علم اللسانيّات الحديث ينبغي للدارس أن ينطلق من جملة من المفاهيم والمبادئ والتمييزات الأوّليّة ضمن هذا العلم. وهي تمثّل مقدّمات ضروريّة لا غنى عنها لكي نستوعب ما يطرحه علم اللسانيّات من مفاهيم ونظريّات ومصطلحات وما يطرأ على مسار من تغيير مستمرّ.
·       اللسانيّات علم. ومن شروط الموضوعيّة العلميّة عدم ربط الدراسة بغايات وخلفيات إديولوجيّة وأحكام وأهواء ذاتيّة (مثل البحث عن أصل إلاهي أو فلسفي للغة والمفاضلة بين اللغات). ولذلك مثّل تأثّر الدراسة اللغويّة في القرن التاسع عشر  بالصرامة العلميّة في تيّار الوضعيّة (positivisme)  خير محفّز  لظهور اللسانيات اختصاصا علميّا يتّسم بشروط الموضوعيّة.
·       اللسانيّات الحديثة نشأت مع دي سوسير ويمكن اعتبارها لسانيّات عامّة تهتمّ بكل الجوانب الشكليّة والدلاليّة والتركيبيّة والصرفيّة في الظاهرة اللغويّة. لكنّ لهذا العلم فروعا مختلفة أهمّها الصوتميّة (وظائف الصوت) التركيبيّة () الدلالة (الاهتمام بالمعنى) التداوليّة (علاقة اللغة بالمقام). وبعض اللسانيّين عرفوا من خلال نظريّاتهم بالتركيز على جوانب محدّدة من هذا العلم من هنا كانت للسانيّات فروع مختلفة منها الصوتيّات والدلالة والتداوليّة. كما أنّ تطبيق قوانين اللسانيّات على لغة محدّدة يجعلها لسانيّات خاصّة بذلك اللسان.
·       ليست اللسانيّات علما خاصّ بلغة محدّدة (لسان محدّد) فهدفها هو دراسة الظاهرة اللغويّة عموما واستنتاج قوانينها العامّة القابلة للاطباق على سائر اللغات وما يثيره ذلك من قضايا، ولذلك من المهمّ التمييز بين اللسانيّات (قوانين الظاهرة اللغويّة) والنحو ( قوانين خاصّة بلسان محدّد). وهذا التمييز لا ينفي وجود تفاعل بينها.
·       اللسانيّات ليس اختصاصا منغلقا على ذاته بل هو  منفتح على مجالات متعدّدة فنجد فيه تأثرا وتأثيرا بعلم النفس والفلسفة وعلوم الأعصاب وهذا ما ينعكس على مجالات اهتمامها مثل : اللسانيّات العامّة ، واللسانيّات النفسيّة، واللسانيّات العصبيّة واللسانيّات الاجتماعيّة. واللسانيّات علم يتأثّر ببيئته العلميّة ويؤثّر فيها ولذلك بقدر مانجد مفاهيم العلوم المجاورة مؤثّرة في اللسانيّات (علم النفس علم الاجتماع، الفلسفة) نجد كذلك مفاهيم اللسانيّات مؤثّرة في سائر العلوم (الأنتروبولوجيا، النقد الأدبيّ...). وهذا الأمر يختلف من فترة إلى أخرى وهو سبب رئيسيّ لتطوّر هذا العلم وتعدّد أطواره. فمنزلة اللسانيّات بين العلوم حيئذ منزلة تتراوح بين التأثّر والتأثير والأخذ والعطاء.
·       لا بدّ من التمييز  في الدراسة العلميّة بين مناهج مختلفة: مثل البحث في التطوّر التاريخيّ (منهج زمانيّ) أو وصف الوقائع واستخراج خصائص نظامها (منهج وصفيّ) أو تفسير نظام اللغة وظواهرها باعتماد فرضيّات (منهج افتراضي) أو صياغة القواعد في شكل رموز تشبه لغة الرياضيّات (منهج صوريّ) وعموما تغلب في كلّ طور منهجيّة بعينها على البحوث اللسانيّة وتتراوح هذه المناهج بين التاريخيّ والوصفيّ والتفسيريّ والافتراضيّ والشكليّ :( استقراء معطيات، استنتاج نتائج، استنباط قواعد، افتراض نظام).
·       يمكن أن نميّز بين المصطلح  (terme) والمفهوم (concept) والفكرة (idée) في تناولنا للنصوص والدراسات اللسانيّة:  أمّا المصطلح فهو الكلمات التقنيّة التي يستخدمها اللسانيّون (دالّ signifiant، مدلول signifié، شكل forme، قيمة valeur، صوتمphonème ، لفظم morphème...) واللسانيّات علم يعتمد كثيرا على المصطلحات ولا بدّ من التثبّت عند ترجمتها خاصّة أنّ المصطلح الواحد يمكن أن نجد له في الدراسات العربيّة أكثر من ترجمة (phonème  صوتم أو  فونيم/ linguistique  لسانيّات أو علم اللغة أو ألسنيّة/  signe علامة أو دليل). أمّا المفهوم فهو المضمون النظريّ الذي يحمله ذلك المصطلح ويربطه بنظريّة معيّنة. ولا يمكننا حينئذ أن نفهم مصطلح مدلول (signifié) بمعجم لغويّ مثل لسان العرب بل لا بدّ من العودة إلى الإطار النظريّ لذلك المصطلح لنحدّد المفهوم المقصود. فنعود مثلا إلى  كتاب دي سوسير أو نعتمد على معجم مختصّ في اللسانيّات مثل معجم اللسانيّات لديبوا.


2- أهمّ أطوار اللسانيّات:
·       لكي نفهم الأطوار الكبرى في تاريخ اللسانيّات ينبغي أن نميّز بين الأنموذج (paradigm) والنظريّة (théorie) والمنوال (modèle) فالأنموذج هو النزعة الكبرى التي طغت على اللسانيّات في فترة من الزمن مثل البنيويّة في النصف الأول من القرن العشرين والتوليديّة من أواخر الخمسينات إلى التسعينات والعرفانيّة من التسعينات إلى اليوم. أمّا النظريّة فهي مجموعة من الفرضيّات والأفكار المنسجمة ويأتي بها اللسانيّ أو مدرسة لسانيّة تضمّ مجموعة من اللسانيّين ليفسّر بها بعض الظواهر اللغويّة (نظريّة النحو البنيويّ لتنيار/ نظريّة النحو التوليديّ لتشومسكي/ نظريّة النحو العرفانيّ للانقاكير) . أمّا المنوال فنقصد به طورا معيّنا من النظريّة فأحيانا تولد النظريّة بصيغة معيّنة مثل النحو التوليديّ ثم يقع تغييرها في صيغ متعاقبة.
·       النظريّة في اللسانيّات لها شروط : (فرضيّات مبادئ، مفاهيم، قدرة تفسيريّة) وحين نلاحظ تعدّد النظريّات في زمن واحد أو تطوّرها عبر الزمان أو قيام نظريّة على أنقاض نظريّة سابقة فذلك بسبب تعدّد زوايا النظر إلى المسألة الواحدة أو اختلاف المجالات أو  اختلاف الاختصاصات واختلاف المناهج.
·       لا يمكننا أن نستوعب نظريّة لسانيّة ما دون ربطها بسياقها الإبستيمولوجيّ. فكلّ نظريّة لسانيّة تتأثّر في مفاهيمها الأساسيّة بالبيئة العلميّة السائدة فتقترض منها المصطلحات والأفكار والمفاهيم والمناهج والأفكار. ومع تغيّر البيئة العلميّة تتغيّر النظريّات وتتطوّر لتتلاءم مع محيطها العلميّ الجديد.
·       يمكن التمييز بين أطوار رئيسيّة متعاقبة في اللّسانيّات، تناسب نماذج كبرى في التفكير اللساني (paradigms) وهي اللسانيّات التاريخيّة المقارنة فاللسانيّات البنيويّة بشقّيها الأروبيّ والأمريكيّ فاللّسانيّات التوليديّة فاللسانيّات العرفانيّة.  وضمن كل طور توجد مدارس ونظريّات و مناويل مختلفة، ويغلب الاهتمام بفرع من اللسانيّات دون سائر الفروع (الصوتيات، التركيب، الدلالة، التداوليّة).
·       كلّ طور يأخذ من الطور السابق جوانب محدّدة ويتجاوز جوانب أخرى ويقترح تصوّرات نظريّة جديدة، فيجدّد زوايا النظر  إلى قضايا اللغة وبهذه الطريقة تنشأ النظريّات الجديدة من رحم النظريّات القديمة. حركة العلم عموما تكون لولبيّة تعود خطوة إلى السابق وتتقدّم خطوتين إلى الأمام بالنقد واقتراح تصوّرات جديدة.

الفترة
الطور اللسانيّ
أبرز ما يميّز الدراسات اللسانيّة في هذا الطور
العصور الوسطى
ق 18م

النحو
فلسفة اللغة
فيلولوجيا
- البحث عن أصل اللغات (اللغة الأمّ) / -  الاعتقاد في الأصل الإلاهيّ/الفلسفيّ للكلام.
- اعتبار العبريّة لغة الكتاب المقدّس هي اللغة الأصليّة
- التركيز على المنهج التاريخي والفيلولوجي /- علاقة اللغة بالتفكير.
-  دي كوندلاك، روسّو، هردر، همبولدت Humboldt.


1786


بداية النحو المقارن
(أواللسانيّات التاريخيّة)

- اكتشاف القاضي البريطاني السير وليامز جون Sir W.Jones الشبه بين السنسكريتيّة واللغات الأروبيّة (الاتينية/الجرمانية/اليونانية). 1786
- ظهور مصطلح لسانيّات linguistique سنة 1800.
- البحث عن قوانين التطوّر الصوتيّ:  التركيز على المنهج المقارن والتاريخيّ.
-  غريم Grimm/ ويتني Whitney

1916

اللسانيّات البنيويّة  (العامّة/الحديثة)
دروس دي سوسير :
1-اللسانيات الداخلية/الخارجيّة.  /  2-الدراسة الآنيّة 3-التمييز بين اللغة (نظام) والكلام (إنجاز)  /  4-اعتباطيّة العلامة (الدال/المدلول) 5- اللغة شكل لا مادّة.


1927
الثمانينات



البنيويّة الأروبيّة
تركيز على وصف الجانب النظاميّ لا الجانب الإنجازيّ/ تقطيع بنية اللغة إلى وحدات دنيا (صوتم، لفظم، علاقات سياقيّة)/
مدرسة براغ:  تروبتسكوي27-1939 (الصوتم)، جاكبصون (السمات صوتميّة) 27-1971.
المدرسة الوظائفيّة: مارتنيه (1960)، جاكبصون (1963).
مدرسة الغلوسيماتيك (كوبنهاغن): يلمسلاف1943 بروندال1943 يلدال1957.
المدرسة النفسيّة النظاميّة، غِيّوم 1929.
النحو البنيويّ تنيار  53-1959


1921
1956


البنيويّة الأمريكيّة
تركيز على وصف الجانب الإنجازيّ لا النظاميّ،
 الاهتمام بالجانب الشكليّ في المفردة والتركيب.
 لا وجود لتقاليد المنهج التاريخيّ لانعدام تاريخ اللغات الهنديّة في أمريكا
المدرسة البنيويّة الأنتروبولوجيّة : سابير 1923- وورف - بواس
المدرسة التوزيعيّة: بلومفيلد 1933
المدرسة التحويليّة هارّيس 1951  (امتداد للتوزيعيّة)
1957


النحو التوليديّ
- نقد شومسكيّ لمنهج وصف الأقوال في بعدها الإنجازي.
- اقتراح منهج افتراضيّ لتفسير الملكة الذهنيّة المولّدة للأقوال.
- النحو عضو طبيعيّ: كيف يولّد عضو النحو في الدماغ الجمل الصحيحة نحويّا
- التركيز على الطابع الشكليّ للنحو في نظريّات متعاقبة يعدّل بعضُها بعضًا.
- الكتاب المؤسّس البنى التركيبيّة 1957/ النظرية المعيارية/المعيار الموسّعة/العمل والربط
- التأثّر بالبيولوجيا والرياضيات والمنطق والحاسوبيّة

1957
الثمانينات

اللسانيّات التوليديّة
- الأعمال التي كانت تهتمّ بأفكار  النحو التوليديّ نقدا وإضافة وتعديلا
- كاتز فودور، بسطل، جاكندوف، لايكوف، 
الدلالة التأويليّة: تيّار يساند وجهة نظر شومسكي في اعتبار المعنى تابعا للشكل التركيبيّ
الدلالة التوليديّة: تيّار يخالف شومسكي ويعتبر الشكل التركيبيّ تابعا للدلالة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدرس الثاني : اللسانيّات البنيويّة ومفاهيمها الأساسيّة

تحميل الدرس بصيغة ب د ف من هنا  اللسانيّات علم يتنزّل ضمن مستوين متفاعلين: مستوى داخليّ ضمن علم اللسانيّات؛ يتعلّق بتطوّر النظريّات والمدار س اللسانيّة فتولد النظريّات الجديدة انطلاقا من المآزق التي تصل إليها النظريّات القديمة، فكلّ نظريّة تمثّل نقدا للسابق وإضافة جديدة لا تقطع نهائيّا مع ما قبلها من تصوّرات. أمّا المستوى الثاني فخارجيّ يتعلّق بوجود صلة بين اللسانيّات وسائر العلوم المجاورة وقوامها علاقة تأثّر وتأثير بينهما. ذلك أنّ اللسانيّات تتأثّر بما يحدث في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها وهي في نفس الوقت تؤثّر في سائر العلوم الإنسانيّة من نقد وإنشائيّة وأنتروبولوجيا. ضمن هذين المستويين يمكن أن ندرس آراء دي سوسير المؤسّسة للبنيويّة. 1- الخلفيّات الفكريّة والعلميّة لظهور اللسانيّات البنيويّة : بالعودة إلى كتاب سوسير المؤسّس "دروس في الألسنيّة العامّة" يمكن أن نلاحظ وجود مؤثّرات مختلفة تتعلّق من جهة أولى بما كان سائدا في الدراسات اللسانيّة قبله. وبما كان يسود في عصره من مناهج ومفاهيم في سائر العلوم. أ- نقد المنهج التاريخي المقارن : كانت اللسانيّات في

الدرس الثاني : خصائص النظريّة اللسانيّة ومدى انطباقها على النحو التوليديّ

لتحميل الدرس في صيغة ب د ف اضغط هنا  مقدمة: في كلّ علم هناك مقابلة شائعة بين النظريّ والتطبيقيّ. وفي علم اللسانيّات نجد كلاما نظريّا عن الدال والمدلول والبنية والقيمة والشكل، والصوتم... ونجد في المقابل تطبيقات على العربيّة والانجليزيّة وسائر الألسنة. هذا التمييز لا يعني أنّ كلّ من يخوض في الخطاب النظريّ هو منظّر وصاحب نظريّة فهناك كثير من اللسانيّين يكتبون بحوثا نظريّة في اللسانيّات وينشرونها في شكل مقالات وكتب. ولكنّ عددا قليلا منهم يمكن اعتبارهم من المنظّرين. ما هو السبب في ذلك؟ ليس كلّ كلام نظريّ   يمثّل نظريّة فللنظريّة شروط وخصائص ينبغي أن تتوفّر حتّى تندرج فيها ىراء لسانيّ ما. أمّا اكثر البحوث النظريّة فقد تكون تعقيبا على نظريّة أو اشتغالا ضمنها أو نقدا لها أو تدقيقا لمفهوم. نطرح في هذا الدرس أبرز خصائص النظريّة اللسانيّة من الناحية الإيبستيمولوجيّة. وبأيّ معنى تحقّق نظريّة النحو التوليديّ هذه الخصائص. 1-   مفهوم النظرية اللسانيّة وخصائصها: إنّ مجرّد الخوض في كلام نظريّ لا يعني أنّ صاحبه بصدد التنظير. إذا كان المقصود بالتنظير هو إنشاء نظريّة فليس أمرا متاحا لجميع اللسا