التخطي إلى المحتوى الرئيسي
تلخيص أهمّ مبادئ النظريّة النحويّة العربيّة
  أ.منجي العمري

ما هي الأصول النظريّة العامّة التي يقوم عليها التفكير النحويّ عند النحاة العرب؟
I) خاصّية الإعراب في اللغة العربيّة:
العربيّة لغة ساميّة خاصّيتها الإعراب: لغة إعرابيّة. فما هو المقصود بخاصّية الإعراب؟
الإعراب في اللغة هو البيان والوضوح (أعرب الرجل عن مقصده: أي بيّنه ووضّحه). ونلاحظ أنّ المتكلّم العربيّ قبل نشأة النحو يبيّن مقصده ويوضّحه في القول باستعمال حركات آخر الكلمة:(أعلمَ الرجلُ الناسَ / أعلمَ الرجلَ الناسُ ).
 لاحظْ أنّ المعنى يتغيّر بتغيّر حركة آخر الاسم. هذا التغيير يُسمّى إعرابا: (أعربَ الكلامَ: أظهر حركةَ آخرِ الكلماتِ).
استخرج العلماء النحوَ من خلال هذه الخاصّية الإعرابيّة. وسمّوا علم النحو باسمها : "صناعة الإعراب".
II)مبادئ  نظريّة الإعراب (صناعة الإعراب/ علم النحو) :
تقوم هذه النظريّة على علاقتين نحويّتين مجرّدتين تفسّران نظام الترابط بين الاسم والفعل والحرف في الجملة العربيّة. وهما الإسناد والعمل الإعرابيّ. إنّها تعتمد على 4 مفاهيم:   1- أقسام الكلام (اسم/فعل/حرف) 2- الإسناد  (مسند- مسند إليه) 3- الإعراب (رفع/نصب/جرّ/جزم) 4- العامل (سبب الإعراب)
أـ علاقة الإسناد:  تتعلّق بالأسماء و الأفعال:  (مسند+ مسند إليه) / (مسند إليه+ مسند)
ـ الإسناد في الجملة الاسميّة: إسناد اسم (مسند إليه) إلى اسم (مسند) (1ـ العلم نور/ 2 ـ إنّ الناس معادن/ 3 ـ  كان الناس يتخاصمون/  4ـ كان Ø كريما). لاحظ أنّ الإسناد قد يدخل عليه الناسخ في المثالين 2 و3 وقد تغيب بعض أجزائه كما في المثال 4.
ـ الإسناد في الجملة الفعليّة: إسناد اسم (مسند إليه) إلى فعل (مسند) (1ـ تخاصم القومُ 2ـ خاصم الرجلُ صديقًه 3ـ خاصم الرجلُ صديقَه صباحًا حسدا) لاحظ أنّ الإسناد قد يتعدّى لزوما إلى مفعول به أو أكثر كما في المثال 2، وقد يحتاج إلى مفاعيل أخرى تزيد في شرحه ويمكن حذفها كما في المثال 3.
ب ـ نظريّة العامل الإعرابيّ:
يحدث الإعراب في آخر الاسم والفعل اعتمادا على علاقة نحويّة أساسيّة بين العامل والمعمول.

 
    ————← ——← 
عامل (سبب في الإعراب)      معمول        معمول ثان... (رفع/نصب/جرّ/جزم)         (على مهلٍ / لنْ يندمَ)
لماذا ننصب أو نرفع أو نجرّ آخر الكلمة في الجملة؟ العامل هو السبب والمؤثّر فهو مصدر العمل الإعرابي (عمل الرفع/ النصب/ الجرّ/ الجزم). والمعمول هو الكلمة التي تتقبّل ذلك العمل الإعرابيّ في آخر حرف منها فتكون مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة أو مجزومة. ويمكن تمثيل هذه العلاقة النحويّة المجرّدة كالآتي:

 

عامل                        معمول        معمول ثان...
في   ————←    المسجِدِ (عمل الجرّ حرف الجرّ)
Ø    ————←    العلمُ    نورٌ (المبتدأ والخبر   تقبّلا عمل الرفع بسبب عامل الابتداء/ خلو بداية الكلام من العوامل)
إنّ    ————←    العلمَ (نصب)  نورٌ (رفع)   
أكرم ————←    العربيّ ُ (الرفع) الضيفَ (منصوب) صباحاً (منصوب) 
لن    ————←    يَسْكُــتَ  (مضارع منصوب بلن)
Ø    ————←    يكتُبُ (مضارع مرفوع بسبب عامل "مشابهة الفعل للاسم في قبول الإعراب")
1ـ العامل: هو السبب المتسلّط على الألفاظ في التركيب وهو سبب رفعها أو نصبها أو جرّها أو جزمها وقد يكون:
أ-  لفظيّا (حرف الجرّ يجرّ ما بعده/ إنّ تنصب اسمه وترفع خبرها...)
ب - معنويّا كما في المثال  ([الابتداء]Ø    العلمُ نورٌ) أو في المثال ([المشابهة]Ø    يكتبُ) (مشابهة الفعل المضارع للاسم)
هذان عاملان غير لفظيين لأنّهما معنويّان يُفهمان عقلا.
2 ـ المعمول: هو اللفظ المتقبّل للتأثير الإعرابيّ (لفظ [المسجدِ] تقبّل الجرّ من الحرف/العلمُ  نورٌ تقبّلا الرفع من عامل الابتداء)
نلاحظ أنّ الأسماء تكون غالبا معمولة. أمّا الحرف فيكون دائما عاملا. وأمّا الفعل فقد يكون عاملا أو معمولا.
3  ـ العمل الإعرابيّ: التأثير النحويّ الظاهر في آخر حرف من الكلمة وهو الرفع والنصب والجرّ والجزم ([المسجـــدِ] عمل الجرّ/ العلمَ (عمل النصب)) ونعرف هذا العمل عادة من خلال العلامة الإعرابيّة في آخر الكلمة.
4 ـ العلامة الإعرابيّة:  هل تكون العلامة الإعرابيّة دائما حركة في آخر حرف من الكلمة؟

 العلامات الأصول
العلامات الفروع
الرفع
ـــــــــُـــــــ
أبدعَ الكاتبُ /  يكتبُ الشاعرُ
ـو / ـا / ن
قدم المعلمون/ المعلمان/ يكتبون
النصب
ــــــــَــــــــ
عارضَ الكاتبَ
لن يكتُبَ
ـيـ /ـيْـ /
حذف النون في الفعل المضارع
الكسرة النائبة عن الفتحة
رأيتُ المعلمِينَ / رأيت المعلميْنِ
لن يكتبوا Ø
رأيتُ المعلّماتِ
الجرّ
ــــــــِــــــــ
نظر إلى الكاتبِ / قلمُ الكاتبِ
ـيـ / ـيْـ
الفتحة النائبة عن الكسرة
مررت بالمعلمينَ/ بالمعلميْنِ
مررتُ بـأحمدَ
الجزم
ـــــــْــــــــ
لم يكتبْ
حذف النون في الفعل المضارع
لم يكتبواØ
نقسّم علامات الإعراب إلى نوعين:
أ ـ العلامات الأصول:  الضمّة (للرفع) والفتحة (للنصب) والكسرة (للجرّ) والسكون: أوحذف الحركة للجزم/ غياب كلّ حركة (الجزم). مثال: ـ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ [الأعراف 30]  / ـ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ  [الإخلاص]/  فِي جِيدِ هَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) [المسد]
ب ـ العلامات الفروع:  وهي حروف أو حركات تعوّض الحركات السابقة وتنوب عنها. (خَمْسَة فى الْأَسْمَاء وَاثْنَتَانِ فى الْأَفْعَال).
ـ العلامات الفروع في الاسم : الألف ـ الواو ـ الياء ـ (أبوك/ أباك/ أبيك الأسماء الستّة (أبوه، أخوه، حموه، هنوه، فوه، ذو)/ ضربني المعلمان / ضربني المعلمون /رأيت المعلمِين/ رأيت المعلمَيْن / مررت بالمعلميْن/ مررت بالمعلمِيِن (الجمع والتثنية)
الكسرة النائبة عن الفتحة: تأمّلتُ السماواتِ (جمع المؤنث السالم)/ الفتحة النائبة عن الكسرة : مررت بأحمدَ (الممنوع من الصرف))  ـ العلامات الفروع في الفعل:  النون النائبة عن الضمّة عند الرفع (يعلمون) ـ حذف النون للنصب أو الجزم ( لن يعلمواـ لم يعلما).
5 ـ المحلّ الإعرابيّ:  موضع في الجملة (الوظيفة النحويّة) يكون عاملا أو معمولا. وقد يكون ممتلئا لفظا أومقدّرا.
المحلاّت الإعرابيّة في الجملة الفعليّة
المحلات الإعرابيّة في الجملة الاسميّة
الفعل
الفاعل
م به
م فيه
حال...
ناسخ
اسم الناسخ
خبر الناسخ
أخبرَ
Ø
الناسَ

بهدوء
كان
Ø
متقدّما
Ø
Ø


بهدوء
Ø
الخروجَ
ممكن
 مثال [قال Ø: نعم ] (محلّ الفعل صريح (قال) ومحلّ المفعول به صريح (نعم) لكنّ محلّ الفاعل مقدّر (Ø) بعد الفعل). وحتّى إن وجدنا من الجملة كلمة واحدة فينبغي تقدير المحلاّت المحذوفة لأسباب بلاغيّة ونحويّة مثل (شكرا، أصلها: أشكرك شكرا)
6 ـ المعرب والمبنيّ: المعرب الأسماء والأفعال التي يظهر عليها تأثير العامل من خلال ظهور علامة إعرابيّة صليّة أو فرعيّة.
الاسم المعرب (برجلِ، كتاباً، أحمدُ، قادمون/ قادمين) والفعل المضارع (يعلمُ/لنْ يعلمَ/لمْ يعلمْ). / الاسم الذي يقبل ظهور جميع علامات الإعراب نسمّيه متمكّنا أمكن(رجلٌ رجلاً رجلٍ : يقبل كلّ العلامات) / الاسم الذي يقبل بعضها نسمّيه متمكّنا غير أمكن (أحمدُ أحمدَ بأحمدَ: لا يقبل الجرّ) / لذلك الاسم يكون مقدّما على الفعل والحرف في أقسام الكلام.  /نسمّي تأثير العامل رفعا ونصبا وجرّا وجزما (ألقاب الإعراب).
المبنيّ: الكلمة التي تبقى على نفس الصورة ولا يتأثّر حرفها الأخير بالعامل. (الأسماء: ذلك هذا، الذي، هو، كيف، مَنْ) والفعل الماضي والفعل الأمر (قامَ، اقرأْْ). فنسمّي حركة ذلك الحرف فتحا أو ضمّا أو كسرا أو سكونا (ألقاب البناء)
7ـ الإعراب الظاهر والإعراب التقديريّ: إذا كانت الكلمة معربة تقبل ظهور العلامة الإعرابيّة فالإعراب صريح أو ظاهر في الحرف الأخير ( لم يلدْ/ في المسجدِ/ إنّ العلمَ نورٌ) وإذا كانت الكلمة مبنيّة (بهذا / بالذي/ بمَنْ) أو لا تقبل ظهور علامة الإعراب (مررت بالفتى/ حكم القاضي) فالإعراب مقدّر في الكلمة. وقد تكون الكلمة محذوفة فيكون الإعراب مقدّرا (كتبَ Ø رسالة: إعراب الفاعل مقدّر) وقد تكون الكلمة مركّبة فيكون الإعراب مقدّرا (قال الرجلُ: بسم الله  : مفعول به منصوب بالتقدير لأنّه مركّب لا تظهر عليه الفتحة).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدرس الثاني : اللسانيّات البنيويّة ومفاهيمها الأساسيّة

تحميل الدرس بصيغة ب د ف من هنا  اللسانيّات علم يتنزّل ضمن مستوين متفاعلين: مستوى داخليّ ضمن علم اللسانيّات؛ يتعلّق بتطوّر النظريّات والمدار س اللسانيّة فتولد النظريّات الجديدة انطلاقا من المآزق التي تصل إليها النظريّات القديمة، فكلّ نظريّة تمثّل نقدا للسابق وإضافة جديدة لا تقطع نهائيّا مع ما قبلها من تصوّرات. أمّا المستوى الثاني فخارجيّ يتعلّق بوجود صلة بين اللسانيّات وسائر العلوم المجاورة وقوامها علاقة تأثّر وتأثير بينهما. ذلك أنّ اللسانيّات تتأثّر بما يحدث في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها وهي في نفس الوقت تؤثّر في سائر العلوم الإنسانيّة من نقد وإنشائيّة وأنتروبولوجيا. ضمن هذين المستويين يمكن أن ندرس آراء دي سوسير المؤسّسة للبنيويّة. 1- الخلفيّات الفكريّة والعلميّة لظهور اللسانيّات البنيويّة : بالعودة إلى كتاب سوسير المؤسّس "دروس في الألسنيّة العامّة" يمكن أن نلاحظ وجود مؤثّرات مختلفة تتعلّق من جهة أولى بما كان سائدا في الدراسات اللسانيّة قبله. وبما كان يسود في عصره من مناهج ومفاهيم في سائر العلوم. أ- نقد المنهج التاريخي المقارن : كانت اللسانيّات في

الدرس الثاني : خصائص النظريّة اللسانيّة ومدى انطباقها على النحو التوليديّ

لتحميل الدرس في صيغة ب د ف اضغط هنا  مقدمة: في كلّ علم هناك مقابلة شائعة بين النظريّ والتطبيقيّ. وفي علم اللسانيّات نجد كلاما نظريّا عن الدال والمدلول والبنية والقيمة والشكل، والصوتم... ونجد في المقابل تطبيقات على العربيّة والانجليزيّة وسائر الألسنة. هذا التمييز لا يعني أنّ كلّ من يخوض في الخطاب النظريّ هو منظّر وصاحب نظريّة فهناك كثير من اللسانيّين يكتبون بحوثا نظريّة في اللسانيّات وينشرونها في شكل مقالات وكتب. ولكنّ عددا قليلا منهم يمكن اعتبارهم من المنظّرين. ما هو السبب في ذلك؟ ليس كلّ كلام نظريّ   يمثّل نظريّة فللنظريّة شروط وخصائص ينبغي أن تتوفّر حتّى تندرج فيها ىراء لسانيّ ما. أمّا اكثر البحوث النظريّة فقد تكون تعقيبا على نظريّة أو اشتغالا ضمنها أو نقدا لها أو تدقيقا لمفهوم. نطرح في هذا الدرس أبرز خصائص النظريّة اللسانيّة من الناحية الإيبستيمولوجيّة. وبأيّ معنى تحقّق نظريّة النحو التوليديّ هذه الخصائص. 1-   مفهوم النظرية اللسانيّة وخصائصها: إنّ مجرّد الخوض في كلام نظريّ لا يعني أنّ صاحبه بصدد التنظير. إذا كان المقصود بالتنظير هو إنشاء نظريّة فليس أمرا متاحا لجميع اللسا
الدرس الأوّل:  مدخل تاريخيّ إلى علم اللسانيّات اضغط هنا لتحميل الدرس أهداف الدرس 1- تعريف اللسانيّات: موضوعها أهمّ مفاهيمها. 2- التعرّف على أهمّ أطوار اللسانيّات ومناهجها ومدارسها وأعلامها. 3- التمييز بين أهمّ فروع اللسانيّات: * اللسانيات العامّة /علم الأصوات/ علم الدلالة/ التداوليّة. 4- التعرّف على علاقة التأثّر والتاثير بين اللسانيّات ومختلف العلوم المجاورة.                                 كلّ علم يمكن تعريفه من خلال موضوع دراسته ومنهجه ونظريّاته وأطواره وفروعه وأعلامه. واللسانيّات علم موضوعه اللغة ومناهجه ونظريّاته وأطواره متغيّرة من التاريخيّة إلى البنيويّة إلى التوليديّة إلى العرفانيّة وفروعه كثيرة منها الصوتميّة والدلالة والتداوليّة وأعلامه يتفاوتون في التأثير والأهميّة. 1- تعريف اللسانيّات: الموضوع المفاهيم المنهج الأعلام أ- موضوع اللسانيّات:  تعرّف اللسانيّات linguistique/ linguistics بأنّها الدراسة العلميّة لسائر اللّغات الطبيعيّة. وهي علم من العلوم الإنسانيّة بما أنّ اللغة خاصّية بشريّة. وقد ظهر هذا المصطلح ( linguistique